(عن أبي ذر) جندب بن جنادة الغفاري رضي الله عنه (قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) هذا طرف من حديث طويل ساقه أبو داود في سننه بسنده عن أبي ذر رضي الله عنه، قال:"اجتمعت غُنَيمَة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، وفي رواية "غنيمة من الصدقة"، فقال:"يا أبا ذر ابدُ فيها، فبدوت إلى الرَّبَذة، فكانت تصيبني الجنابة، فأمكث الخمس والسّتّ، فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أبو ذر، فسكتُّ، فقال: ثَكلَتك أمُّك يا أبا ذر، لأمِّك الويلُ" فدعا لي بجارية سوداء، فجاءت بعُسٍّ فيه ماء، فسترتني بثوب، واستترتُ بالراحلة، واغتسلت، فكأني ألقيت عَنِّي جبلا، فقال:"الصعيد الطيب وَضُوء المسلم ولو إلى عشر سنين، فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك، فإن ذلك خير لك".
(الصعيد) مبتدأ، تقدم اختلاف العلماء في معناه، في أول الباب السابق ٢٠٢ (الطيب) أي الطاهر، المطهر (وضوء المسلم) بفتح الواو لأن التراب بمنزلة الماء في صحة التطهر به، وقيل: بضم الواو، أي
استعمال الصعيد على الوجه المخصوص كوُضوء المسلم، فهو تشبيه بليغ، وعلى كل فيه أن التيمم رافع للحدث، لا مبيح فقط، خلافا لمن قال بذلك، وعليه فيصلي به ما يشاء من فرض ونفل، وسيأتي بيان اختلاف أهل العلم في ذلك، مع الترجيح في المسائل الآتية إن شاء الله تعالى.
(وإن لم يجد الماء عشر سنين) يعني إلى مدة طويلة، فالمراد منه التكثير لا التحديد، ومعناه أن يفعل التيمم مرة بعد أخرى، وإن بلغت مدة عدم الماء عشر سنين، وليس معناه أن التيمم دفعة واحدة تكفيه لعشر سنين.
وفيه دليل على أن خروج الوقت لا ينقض التيمم، وأن التيمم جائز قبل دخول الوقت.