للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

شرح الآيات الكريمات

(قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} ظاهر الآية أن الماء مُنَزَّل من نفس السماء، فلا حاجة إلى ادعاء المجاز في معنى السماء، فيقال: إن المراد بالسماء هو السحاب, لأن السماء يطلق على كل ما علاك، فالصحيح أن الماء ينزل من السماء، ثم من السحاب، وأما ما يعتقده الفلاسفة من أن المطهر من بُخَار البحر بواسطة السحاب، حتى قال الهُذَلي [من الطويل]:

شَرِبْنَ بماءِ البَحْرِ ثُمَّ تَرَفْعَتْ … مُتَى لُجَج خُضْر لهُنَّ نَئيجُ

فباطل يخالف ظواهر الكتاب والسنة.

(طهورا) قال العلامة القرطبي رحمه الله: "ماء طهورا" يتطهر به

كما يقال: وَضوء للماء الذي يُتوضأ به، وكل طَهُور طاهر، وليس كل طاهر طهورًا، فالطَهور -بفتح الطاء-: الاسم، وكذلك الوَضُوء

والوَقُود، وبالضم: المصدر، وهذا هو المعروف في اللغة، قاله ابن الأنباري، فَبَيَّن أنَّ الماء المنزل من السماء طاهر في نفسه، مطهر لغيره، فإن الطَّهُور مبالغة في طاهر، وهذه المبالغة اقتضت أن يكون طاهرا مطهرا، وإلى هذا ذهب الجمهور.

وقيل: إن "طهورا" بمعنى طاهر، وهو قول أبي حنيفة، وتعلق بقوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان: آية ٢١] يعني طاهرا، وبقول الشاعر [من الطويل]:

خَليْليَّ هَلْ في نَظْرةٍ بَعْدَ تَوْبَة … أُدَاوي بهَا قَلْبي عَلَيَّ فُجُورُ

إِلَى رُجَّحِ الأكْفَالِ غِيد مِنَ الظِّبَا … عذَاب الثَّنَايَا ريّقُهُنَّ طَهُورُ

فوصف الريق بأنه طهور، وليس بمطهر، وتقول العرب: رجل