ومن الصلاة بمعنى الاستغفار حديث سَوْدَةَ: أنها قالت: يا رسول الله إذا مِتْنَا صَلَّى لنا عثمان بن مظعون حتى تأتِيَنَا، فقال لها:"إن الموت أشَدُّ مما تقَدِّرِين". قال شَمِرٌ: قولها: صلىَ لنا: أي استغفر لنا عند ربه، وكان عثمان مات حين قالت سودة ذلك. وأما قوله تعالى:{أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ}[البقرة: ١٥٧]، فمعنى الصلوات ها هنا الثناء عليهم من الله تعالى، وقال الشاعر (من الكامل):
معناه تَرَحَّمَ الله عليه، على الدعاء، لا على الخبر.
وقال ابن الأعرابي: الصلاة من الله رحمة، ومن المخلوقين؛ الملائكة والإنس والجنِّ: القيامُ والركوعُ والسجودُ والدعاء والتسبيح، والصلاة من الطير والهوام التسبيحُ.
وقال الزجاج: الأصل في الصلاة اللزوم، يقال: قد صَلَّى، واصطلى إذا لَزِمَ، ومن هذا من يُصْلَى في النار، أي يُلْزَمُ النَّارَ.
وقال أهل اللغة في الصلاة: أنها من الصَّلَويْنِ، وهما مُكْتَنفَا الذَّنَبِ من الناقة وغيرها، وأول مَوصِلِ الفخذين من الإنسان، فكأنها في الحَقيقة مُكْتَنِفا العُصْعُصِ.
قال الأزهري: والقول عندي هو الأول، إنما الصلاة لزوم ما فرض الله تعالى، والصلاة من أعظم الفرض الذي أمِرَ بِلزومه،