ومنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أخَّرُوا صلاة العصر حتى خرج وقتها، لاشتغالهم بالعدو. والله أعلم.
تنبيه:
حديث علي رضي الله عنه يقتضي أن الأحزاب شَغَلُوا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العصر فقط، وأخرج أحمد والنسائي من حديث أبي سعيد:"أنهم شَغَلُوه - صلى الله عليه وسلم - عن الظهر والعصر والمغرب، وصَلَّوا بعد هويّ من الليل، وذلك قبل أن يُنَزلَ اللهُ في صلاة الخوف {فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا}[البقرة: ٢٣٩].
وأخرج الترمذي والنسائي من حديث ابن مسعود رضي الله عنه "أنهم شغلوه عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله".
فإن قيل: كيف يُجمَعُ بين هذا الاختلاف؟
قلت: قد جَمَعَ النووي رحمه الله بأن وَقْعَة الخَنْدَق دامت أيامًا، فكان هذا في بعض الأيام، وذلك في بعضها الآخر.
وقوله في حديث ابن مسعود: "عن أربع صلوات"، فيه تجوز، لأن العشاء ما خرج وقتها، أو يُحْمَل على تأخيرها عن وقتها المعتاد، ويدل عليه قوله "حتى ذهب من الليل ما شاء الله". ثم إن هذا التأخير لهذه الصلوات كان عن عمد، لاشتغاله بالعدو فكان عذرًا، ويحتمل أن يكون نسيانًا، والأول هو الظاهر، لقوله في حديث أبي سعيد: "قبل أن