وقال ابن عبد البر: الأظهر أنهم يشهدون معهم الصلاة في الجماعة، واللفظ محتمل للجماعة وغيرها، كما يحتمل أن التعاقب يقع بين طائفتين دون غيرهم، وأن يقع التعاقب بينهم في النوع، لا في الشخص.
وقال القاضي عياض رحمه الله: والحكمة في اجتماعهم في هاتين الصلاتين من لطف الله تعالى بعباده، وإكرامه لهم بأنْ جَعَل اجتماعَ ملائكته في حال طاعة عباده، لتكون شهادتهم لهم بأحسن الشهادة.
قال الحافظ رحمه الله: وفيه شيء، لأنه رجَّحَ أنهم الحفظة، ولا شك أن الذين يصعدون كانوا مقيمين عندهم مشاهدين لأعمالهم في جميع الأوقات، فالأولى أن يقال: الحكمة في كونه تعالى لا يسألهم إلا عن الحالة التي تركوهم عليها ما ذكر، ويحتمل أن يقال: إن الله تعالى يستر عنهم ما يعملونه فيما بين الوقتين، لكنه بناء على أنهم غير الحفظة. وفيه إشارة إلى الحديث الآخر "إن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما"، فمن ثَمَّ وقع السؤال من كل طائفة عن آخر شيء فارقوهم عليه.
(ثم يعرج) من باب قتل، أي يصعد الملائكة (الذين باتوا فيكم) يقال: بَاتَ يَبِيتُ بَيْتُوتَة، ومَبِيتًا، وَمَبَاتًا، فهو بَائِتٌ: إذا فَعَلَ فِعْلًا بالليل، كما اخَتص الفعل في "ظَلَّ" بالنهار، وقد تأتي بمعنى "صار"، يقال: بات بموضع كذا، أي صَارَ بِهِ، سواء كان في ليل، أو نهار، وبَاتَ يَبَاتُ من باب تَعِبَ لغة. اهـ. المصباح باختصار.