الحافظ قبل هذا، وهو عدم دعوى الاختصار، والاقتصار في رواية الباب، لأن معنى "باتوا فيكم": صاروا معكم، وقد تقدم ما نقلته من عبارة المصباح في ذلك، ويؤيد ذلك رواية النسائي المتقدمة؛ "ثم يعرج الذين كانوا فيكم". وهذه الرواية رواية ابن خزيمة والسَّرَّاج مُوَضِّحَة لهذا المعنى، فلا داعي لدعوى التقصير من بعض الرواة.
والحاصل أن معنى "ثم يعرج الذين باتوا فيكم" ثم يصعدون الذين كانوا معكم، سواء الذين كانوا معهم ليلًا، والذين كانوا معهم نهارًا، فيشمل السؤال الطائفتين بنص هذا الحديث، فلا إشكال. والله أعلم.
تنبيه:
استدل بعض الحنفية بهذا الحديث على استحباب تأخير صلاة العصر ليقع عروج الملائكة إذا فرغ آخر النهار، وتعقب بأن ذلك غير لازم، إذ ليس في الحديث ما يقتضي أنهم لا يصعدون إلا ساعة الفراغ من الصلاة، بل جائز أن تفرغ الصلاة، ويتأخروا بعد ذلك إلى آخر النهار، ولا مانع أيضًا من أن تصعد ملائكة النهار، وبعضُ النهار باقٍ، وتقيم ملائكة الليل. قاله في "الفتح" جـ ٢ ص ٤٣.
قال الجامع: هذا التوجيه الثاني هو الواضح، وأما الأول فلا يصح، لأن دعوى تأخرهم بعد الصلاة ينافيه قوله في الحديث:"تركناهم وهم يصلون"، وأيضا الاستدلال المذكور تعارضه النصوص