وأجاب أبو الفتح اليعمري بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله، وإن لم يفهم معناه.
واستنبط له الزين ابن المُنَيِّر مَعْنًى يناسبه، فقال: وقت ظهور أثر الغضب، لا يَنْجَعُ فيه الطلبَ، إلا ممن أذنَ له فيه. والصلاة لا تنفك عن كونها طلبا، ودعاء، فناسب الاقتصار عنها حينئذ، واستَدَلَّ بحديث الشفاعة حيث اعتذر الأنبياء كلهم للأمم بأن الله غضب غضبا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، سوى نبينا - صلى الله عليه وسلم -، فلم يَعْتَذِرْ، بل طلب لكونه أذِنَ له في ذلك.
ويمكن أن يقال: سَجْر جَهَنَّم سبب فَيْحِها، وفَيْحُهَا سبب وجود الحر، وهو مظنة المشقة التي هي مظنة سلب الخشوع، فناسب أن لا يُصَلَّى فيها، لكن يرد عليه أن سجرها مستمر في جميع السنة، والإبراد مختص بشدة الحر، فهما متغايران، فحكمة الإبراد المشقة، وحكمة الترك وقت سجرها، لكونه وقت ظهور أثر الغضب. والله أعلم. قاله في "الفتح" جـ٢ ص ٢٢.
(من فيح جهنم) أي من سعة انتشارها، وتنفسها، ومنه: مكان أفيح: أي مُتَّسِعٌ. قاله في "الفتح".
وقال العراقي رحمه الله: فَيْحُ جهنم وفَوْحُها، بالياء والواو، مع فتح الأول فيهما، وبالحاء المهملة: سُطُوع حرها، وانتشاره، يقال: فاَحَتِ القِدْرُ، تَفِيحُ، وتَفُوح: إذا غلت.