ويعرف أن الوقت من شروع الصلاة في أولى المرتين إلى الفراغ منها في المرة الثانية، وهذا معنى قول جبريل:"الصلاة ما بين صلاتك أمس، وصلاتك اليوم"، أي وقت الصلاة من وقت الشروع في المرة الأولى إلى وقت الفراغ في المرة الثانية، وبهذا ظهر صحة هذا القول في صلاة المغرب، وإن صُلِّيَ في اليومين في وقت واحد، وسقط ما يُتَوَهَّمُ أن لفظ الحديث يُعْطِي وقوع الظهر في اليوم الثاني في وقت العصر في اليوم الأول، فيلزم إما التداخل في الأوقات، وهو مردود عند
الجمهور، ومخالف لحديث "لا يدخل وقت صلاة حتى يخرج وقت صلاة أخرى"، أو النسخ، وهو يُفَوِّت التعريف المقصود بإمامة جبريل مرتين، فإن المقصود في أول المرتين تعريف أول الوقت، وبالثانية تحريف آخره، وعند النسخ لا يحصل ذلك، على أن قوله:"والصلاة ما بين صلاتك … " إلخ تصريح في رد القول بالنسخ.
ثم قوله:"والصلاة ما بين صلاتك … " إلخ يقتضي بحسب الظاهر أن لا يجوز العصر بعد المثلين، لكنه محمول على بيان الوقت المختار، ففيما يدل الدليل على وجود وَقْتٍ سوى الوقت المختار نقول به، كالعصر، وفيما لم يقم دليل على ذلك، بل قام على خلافه، كالظهر، حيث اتصل العصر بمضي وقته المختار نقول فيه بأن وقته كله مختار، وليس له وقتٌ سِوىَ ذلك. والله تعالى أعلم. اهـ. كلام السندي.