رواية أبي عوانة المتقدمة، "أي عن وقت الصلاة" فـ (قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالهاجرة) هي شدة الحر، والمراد هذا نصف النهار بعد الزوال، سميت بها لأن الهجرة هي الترك، والناس يتركون التصرف حينئذ لشدة الحر؛ لأجل القيلولة وغيرها. اهـ. جـ ٥ ص ٥٦.
قال العلامة ابن دقيق العيد رحمه الله ما حاصله: هذا يدل على تقديمها في أول الوقت، فإنه قد قيل في الهاجرة والهَجيرِ: إنهما شدة الحر وقُوَّتُهُ، ويعارضه ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - "إذا اشتد الحر، فأبردوا"،
ويمكن الجمع بينهما بأن يكون أطلق اسم الهاجرة على الوقت الذي بعد الزوال مطلقا، فإنه قد يكون فيه الهاجرة في وقت، فيطلق على الوقت مطلقا بطريق الملازمة، وإن لم يكن وقت الصلاة في حر شديد، وفيه بُعْد. وقد يقرب بما نقل عن صاحب العين، أن الهجير والهاجرة نصف النهار، فإذا أخذ بظاهر هذا الكلام كان مطلقًا على الوقت. انتهى. "إحكام الأحكام" جـ ٢ ص ٢٣ - ٢٤.
والذي ارتضاه العلامة الصنعاني في حاشيته: أن يقال: إن أحاديث التهجير منسوخة كما قال أحمد، ودل له حديث المغيرة، وأنه كان أول الأمر صلاته بالهاجرة، ثم نسخه بالإبراد، وهو خاص بأيام شدة الحر.
وقد يقال: إن الصحابي إذا عبر بعبارة تدل على أن هجّيرَاهُ وعادته كان التهجيرَ بالصلاة، فمراده الأغلبُ ذلك؛ إذ أيام شَدَة الحر قليلة