وإليه يظهر ميل النسائي، حيث عقد عليه في أثناء أبواب الدفن "باب الساعات التي نهي عن إقبار الموتى فيها"، وحمله ابن ماجه على الصلاة والدفن كليهما، فقد بوب عليه في الجنائز:"باب الأوقات التي لا يصلى فيها على الميت، ولا يدفن"، وحمله الترمذي على الصلاة، ولذلك بوب عليه "باب كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس، وعند غروبها"، وأيده بما نقل عن ابن المبارك، قال: معنى هذا الحديث: أو أن نقبر فيهن موتانا، يعني الصلاة على الجنازة. انتهى. وقد ضعف النووي هذا التأويل، وزيفه، كالسندي. هذا.
وقد علمت مما قدمنا أن صلاة الجنازة مكروهة في هذه الأوقات عند مالك، وأحمد، وأبي حنيفة، واستدل هؤلاء بحديث عقبة هذا وغيره من الأحاديث المطلقة الدالة على كراهة الصلاة في هذه الساعات خلافًا للشافعي. والقول الأول هو الظاهر. قال الخطابي: قول الجماعة أولى، لموافقة الحديث. اهـ "مرعاة" جـ ٣ ص ٤٥٤ - ٤٥٥.
قال الجامع: بل ما قاله الشافعي عندي هو الأولى، لما عرفت من أن الراجح أن ذوات الأسباب لا تُمنَعُ في تلك الأوقات، إذ النهي محمول على التحري فيها، فما كان ذا سبب، ليس فيه تَحَرٍّ. فتفطن. والله أعلم. ثم بين تلك الساعات، فذكر الأولى بقوله:
(حين تطلع الشمس بازغة) و"تَطْلُعُ" من باب قَعَدَ، كما مر، و"بازغة" أي طالعة، ظاهرة لا يخفى طلوعها، وهي حال مؤكدة لعاملها، كما قال في "الخلاصة"