واستدلت الشافعية والحنابلة بهذا الحديث على جواز النافلة التي لها سبب بعد العصر ما دامت الشمس مرتفعة، ولكن لا دلالة فيه على تخصيص ذات السبب، بل فيه الدلالة على جواز الصلاة مطلقًا بعد العصر ما دامت الشمس مرتفعة.
وحَمَلَ الحنفية المستثنى في حديث الباب على فائتة المكتوبة، والجنازة، ونحوها من الواجبات، فإنه لا يكره فعلها بعد العصر بالإجماع ما دامت الشمس مرتفعة، فإذا دنت للغروب كره ذلك أيضًا. وحمله بعضهم على أن معناه نَهَى عن الصلاة بعد دخول وقت العصر إلا أن تكون الشمس مرتفعة، فيصلى العصر، فالمستثنى إنما هو فرض صلاة العصر. اهـ المنهل جـ ٦ ص ١٦٩. والله ولي التوفيق.
قال الجامع: الراجح عندي أن الصلاة مطلقًا مباحة بعد صلاة العصر ما دامت الشمس نقية، لصحة الحديث بذلك، فيكون مخصصًا لحديث:"لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس". والله تعالى أعلم.
فصل
قد أورد العلامة النَّظَّار (١) الإمام الجِهْبِذُ أبو محمد بن حزم الآثار
(١) النظار: كشَدَّاد، يقال: فرس نظَّار: شَهْم، حَدِيدُ الفوائد، طامح الطرف، أو فحل من فحول الإبل. اهـ. "ق".