أوَّلَ الدخولَ بمعنى الإرادة، لأن لفظة دخل أقوى في الدلالة على الكنف المبنية منها على المكان البراح (١) أو لأنه بُيِّنَ في حديث آخر كما في راوية البخاري في الأدب المفرد السابقة وكما في قوله - صلى الله عليه وسلم - "إن هذه الحشوش محتضرة" أي للجان والشياطين "فإذا أراد أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث" ومن أجازه استغنى عن هذا التأويل، ويحملُ دخل على حقيقتها، وهذا الحديث أخرجه أبو داود عن عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن زيد بن أرقم، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولفظه "فإذا أتى أحدكم الخلاء". وأخرجه النسائي وابن ماجه أيضا، وقال الترمذي: حديث زيد بن أرقم في إسناده اضطراب وأشار إلى اختلاف الرواية فيه، وسأل الترمذي البخاري عنه، فقال: لعل قتادة سمعه من القاسم بن عوف الشيباني، والنضر بن أنس، عن أنس، ولم يقض فيه بشيء، ولهذا أخرجه ابن خزيمة، وابن حبان، وقال البزار: اختلفوا في إسناده، وقال الحاكم: مختلف فيه على قتادة، وقد احتج مسلم بحديث لقتادة، عن النضر، عن زيد، ورواه سعيد عن القاسم، وكلا الإسنادين على شرط الصحيح اهـ عمدة جـ ٢/ ص ٢٥٣.
وقال العلامة المباركفوري في شرح الترمذي: قول البخاري المذكور في كلام العيني: لعل قتادة سمعه من القاسم بن عوف الشيباني، والنضر ابن أنس، عن أنس، مخالف لقوله المذكور في كلام البيهقي بلفظ لعل قتادة سمع منهما جميعا عن زيد بن أرقم، والظاهر عندي أن لفظ: عن أنس المذكور، في كلام العيني؛ سهو من الناسخ، فتأمل. اهـ تحفة جـ ١/ ص ٤٦.
"المسألة الرابعة" قوله: "الخبث"، قال الخطابي: بضم الخاء والباء