(وأشار) أبو عمرو حينما قال: حدثنا صاحب هذه الدار (إِلى دار عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه؛ فيه الاكتفاء بالإشارة المُفْهِمَة عن التصريح. قاله في "الفتح".
(قال) صاحب تلك الدار، وهو ابن مسعود (سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيُّ العمل أحب إلى الله تعالى؟) وفي رواية مالك بن مغول: "أي العمل أفضل؟ "، وكذا لأكثر الرواة، فإن كان هذا اللفظ هو المسئول به،
فلفظ حديث الباب ملزوم عنه. قاله في "الفتح".
فإن قيل: جاء إن إطعام الطعام خير أعمال الإسلام، وجاء إن أحب العمل إلى الله أدومه، وغير ذلك مما قيل فيه: إنه أحب الأعمال إلى الله، أو أفضل الأعمال إلى الله. فما وجه التوفيق بين تلك النصوص؟
أجيب بأن الجواب اختلف لاختلاف أحوال السائلين بأنْ أعْلَمَ كلَّ قوم بما يحتاجون إليه، أو بمالهم فيه رغبة، أو بما هو لائق بهم، أو كان الاختلاف باختلاف الأوقات، بأن يكون العمل في ذلك الوقت أفضل منه في غيره، فقد كان الجهاد في ابتداء الإسلام أفضل الأعمال، لأنه الوسيلة إلى القيام بها والتمكن من أدائها، وقد تضافرت النصوص على أن الصلاة أفضل من الصدقة، ومع ذلك ففي وقت مواساة المضطر تكون الصدقة أفضل، أو أن أفضل ليست على بابها (١) بل المراد
(١) قال الصنعاني: ولا يخفى ضعفه، وأنه خلاف طَلِبَةِ السائل، فلا يطابقه الجواب. اهـ. قال الجامع: والذي بعده أيضًا مثله. فتنبه.