ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عند أبي داود بإسناد صحيح، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الإمام ضامن، والمؤذن مُؤْتَمَنْ، اللهم أرشد الأئمة، واغفر للمؤذنين"، والأمانة أعلى من الضمان، والمغفرة أعلى من الإرشاد، ولم يَتَولَّهُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا خلفاؤه لضيق وقتهم عنه، ولهذا قال عمر رضي الله عنه:"لولا الخلافة لأذنت".
قال ابن قدامة: وهذا اختيار القاضي، وابن أبي موسى، وجماعة من أصحابنا. اهـ. "المغني" جـ ٢ ص ٥٥.
الثالث: أنه إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة، فهي أفضل، وإلا فالأذان، قال في "الفتح": وفي كلام الشافعي ما يومئ إليه.
واختلف في الجمع بينهما؛ فقيل: يكره، وفي البيهقي من حديث جابر مرفوعًا النهي عن ذلك لكن سنده ضعيف، وصح عن عمر "لو أطيق الأذان مع الخلافة لأذَّنْتُ"، رواه سعيد بن منصور، وغيره، وقيل: هو خلاف الأولى. وقيل: يستحب، وصححه النووي. اهـ. "فتح" جـ ٢ ص ٩٢، والله أعلم.
(قال الجامع): هذا الذي صححه النووي رحمه الله هو الذي يظهر لي ترجيحه، والله أعلم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.