المسألة السابعة: أنه قد استشكل إثبات حكم الأذان برؤيا عبد الله ابن زيد، لأن رؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي، وأجيب باحتمال مقارنة الوحي لذلك، أو لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بمقتضاها، لينظر أيقر على ذلك أم لا، ولاسيما لما رأى نظمها يبعد دخول الوسواس فيه، وهذا ينبني على القول بجواز اجتهاده - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام وهو المنصور في الأصول، ويؤيد الأول ما رواه عبد الرزاق، وأبو داود في المراسيل من طريق عبيد بن عمير الليثي أحد كبار التابعين: أن عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - فوجد الوحي قد ورد بذلك، فما راعه إلا أذان بلال، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "سبقك بذلك الوحي".
قال الحافظ: وهذا أصح مما حكى الداودي عن ابن إسحاق أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالأذان قبل أن يخبره عبد الله بن زيد، وعمر
(١) هو شيخ ابن ماجه، محمد بن عبيد بن ميمون المدني صدوق، من الطبقة العاشرة مات سنة ٢٥١، والحديث عند ابن ماجه حديث حسن، لكن الأبيات فيها انقطاع.