طالب -ومفتاح الكعبة بيده-: اجمع لنا الْحِجَابة مع السقاية، فقال:"أين عثمان بن طلحة؟ فقال: هذا مفتاحك، اليومُ يومُ وَفَاء وبِرّ".
وكان حول البيت أصنام مشدودة بالرصاص، فلما طاف جعل يشير بقضيب في يده إليها وهو يقول: جاء الحق وزهق الباطل، فما أشار لصنم إلا وقع لقفاه.
ولما دخل الكعبة أمر بلالًا أن يؤذن -وكان دخل معه- وأبو سفيان، وعتاب بن أسيد، والحارث بن هشام جلوس بفناء الكعبة، فقال عتاب: قد أكرم الله أسيدًا أن لا يكون سمع هذا، وقال الحارث: أما والله لو أعلم أنه بحق ما تبعته، وقال أبو سفيان: لا أقول شيئًا، لو تكلمت لأخبرت عني هذه الحصا، فخرج إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: علمت ما قلتم، ثم ذكر لهم ذلك، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله، ما اطلع على هذا أحد، ثم قام على الصفا يدعو وقد أحدقت الأنصار، فقالوا فيما بينهم: أترون إذا فتح الله بلده يقيم بها؟ فلما فرغ قال:"ما قلتم؟ " قالوا: لا شيء، فلم يزل حتى أخبروه، فقال:"مَعَاذ الله المَحْيَا مَحْيَاكُم، والمَمَاتُ مماتكم"، ثم أقام بمكة بعد فتحها خمس عشرة ليلة يقصر الصلاة، وكان فتحها
صلحًا عند الشافعي، وعَنْوَةً عند أبي حنيفة، وقيل: أعلاها كان صلحًا، وأسفلها كان عنوة. انتهى من "شرح ألفية السيرة النبوية
العراقية"، للعلامة المناوي ص ٢٠١ - ٢٠٥".
(بادر كل قوم بإِسلامهم) أي أراد كل قوم أن يسبقوا غيرهم