ومنها: أنه إذا تعدد المؤذنون فالمستحب أن يرتبوا واحدًا بعد واحد، إذا اتسع الوقت لذلك، كما في أذان بلال وابن أم مكتوم
رضي الله عنهما، فإنهما وقعا مرتبين، والفقهاء من أصحاب الشافعي قالوا: يتخيرون بين أن يؤذن كل منهم في زاوية من زوايا المسجد، وبين أن يجتمعوا ويؤذنوا دفعة واحدة. قاله ابن دقيق العيد أيضًا.
قال العلامة الصنعاني رحمه الله: أقول: إذا تعدد المؤذنون فلهم صورتان: إحداهما تأذين كل أحد في زاوية من زوايا مسجد الأذان، وظاهره متفرقين، أو يؤذنون جميعًا دفعة واحدة، ولا يخفى أن الصورة الأولى هي التي تقدم أنها مستحبة، دون الثانية. وقد يقال: إن الترتيب الذي وقع في أذان مؤذنيه - صلى الله عليه وسلم - لابد منه، لأنهما لو أذنا دفعة واحدة لكان أذانًا قبل الوقت، فلا يجزئ، ولا يعد أذانًا، فإن الأذان المشروع هو ما كان في الوقت، والأذان المجزئ هو أذان ابن أم مكتوم، وأما أذان بلال فما كان إلا ليرجع القائم، ولينبه النائم، كما في لفظ البخاري "لا يمنع أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن بليل، ليرجع قائمكم، وينبه نائمكم".
فبين أن أذانه ليس للوقت، ولا للصلاة، إنما هو إعلام بأن الوقت قد قرب، فيرجع القائم، ويستيقظ النائم، فلا يتم قياس تعدد
المؤذنين بعد دخول الوقت على مؤذنيه - صلى الله عليه وسلم -، بل لو قيل: إن تعدد المؤذنين بعد دخوله غير مستحب، لأنه لم يقع في زمنه - صلى الله عليه وسلم - إلا تأذين