وحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي أشار إليه هو ما أخرجه الشيخان وغيرهما، ولفظه عند البخاري في الأذان عن عبد الله بن الحارث، قال: خطبنا ابنُ عباس في يوم رَدغٍ، فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة، فأمره أن ينادي: الصلاةُ في الرحال، فنظر القوم بعضهم إلى بعض، فقال: فعل هذا من هو خير مني، وإنها عَزْمة. انظر الصحيح بنسخة الفتح جـ ٢ ص ١١٦.
وبَوَّبَ ابنُ خزيمة، وتبعه ابن حبان، ثم المحب الطبري "حَذْفُ حي على الصلاة في يوم المطر"، نظرًا إلى المعنى، لأن معنى "حي على الصلاة": هَلُمُّوا إلى الصلاة، ومعنى "الصلاة في الرحال": تأخروا عن المجيء إليها، فلا يتناسب سبب إيراد اللفظين معًا، لأن أحدهما نقيض الآخر.
قال الحافظ رحمه الله: ويمكن الجمع بينهما، ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى "الصلاة في الرحال" رخصة لمن أراد أن يترخص ومعنى هلموا إلى الصلاة نَدْب لمن أراد أن يستكمل الفضيلة، ولو تحمل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم، قال:"خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فمُطِرْنَا، فقال: لِيُصَلِّ من شاء منكم في رَحْلِهِ".
(في ليلة ذات بَرْد، وريح) وفي رواية البخاري: أذَّنَ ابنُ عمر في ليلة باردة بضَجْنَان، وهو بفتح الضاد المعجمة، وبالجيم بعدها