وقال الشافعي في الجديد، والثوري، وهو رواية عن أحمد: يجمع بينهما بإقامتين فقط، وهو ظاهر حديث أسامة رضي الله عنه، حيث قال:"فأقام المغرب، ثم أناخ الناس، ولم يحلوا حتى أقام العشاء"، وقد جاء عن ابن عمر كل واحد من هذه الصفات، أخرجه الطحاوي وغيره، وكأنه يراه من الأمر الذي يتخير فيه الإنسان، وهو المشهور عن أحمد. انتهى فتح الباري جـ ٣ ص ٦١٣ - ٦١٤.
قال الجامع عفا الله عنه: الراجح عندي قول من قال: يصلي الأولى بالأذان والإقامة، والثانية بالإقامة فقط، لحديث جابر
رضي الله تعالى عنه، وهو مرفوع صريح في ذلك، وما عداه إما موقوف، كحديث عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، أو قابل
للتأويل، كحديث أسامة، وابن عمر رضي الله تعالى عنهما، فيؤول بأنه صلى الأولى بالإقامة مع الأذان، والثانية بالإقامة فقط.
وإنما أولنا بذلك، لأنه لا يمكن أن يحمل على تعدد الواقعة، إذ حجته - صلى الله عليه وسلم - واحدة، فتعين الجمع بين الروايات، وحديث جابر صريح مُفسَّر، فوجب حمل غيره عليه. وسيأتي زيادة تحقيق في المسألة في الحج إن شاء الله تعالى، والله سبحانه وتعالى أعلم.
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.