الأعمش وزاد عيسى بن يونس فيه، عن الأعمش أن ذلك كان بالمدينة أخرجه ابن عبد البر في التمهيد بإسناد صحيح، وزعم في الاستذكار أن عيسى تفرد به، وليس كذلك، فقد رواه البيهقي من طريق محمَّد بن طلحة بن مصرف، عن الأعمش كذلك، وله شاهد من حديث عصمة ابن مالك رواه الطبراني.
قال الحافظ: ولعل البخاري اختصره لتفرد الأعمش به، فقد روى ابنُ ماجه من طريق شعبة أن عاصما رواه له عن أبي وائل عن المغيرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى سباطة قوم فبال قائما" قال عاصم وهذا الأعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة وما حفظه يعني أن روايته هي الصواب، قال شعبة: فسألت عنه منصورًا، فحدثنيه عن أبي وائل، عن حذيفة، يعني كما قال الأعمش، لكن لم يذكر فيه المسح، فقد وافق منصور الأعمش على قوله عن حذيفة دون الزيادة، ولم يلتفت مسلم إلى هذه العلة، بل ذكرها في حديث الأعمش؛ لأنها زيادة من حافظ.
وقال الترمذي: حديث أبي وائل عن حذيفة أصح يعني من حديثه عن المغيرة، وهو كما قال وإن جنح ابن خزيمة إلى تصحيح الروايتين لكون حماد بن أبي سليمان وافق عاصما على قوله: عن المغيرة، فجاز
أن يكون أبو وائل سمعه منهما فيصح القولان معا، لكن من حيث الترجيح رواية الأعمش ومنصور لاتقانهما أصح من رواية عاصم وحماد لكونهما في حفظهما مقال اهـ فتح جـ ١/ ص ٣٩٢ بتصرف.
وقد تقدم الكلام على فوائد هذا الحديث متنا وسندا في باب الرخصة في ترك الإبعاد عند قضاء الحاجة فارجع إليه، واستنبط المصنف منه هنا جواز البول قائما في الصحراء دون البيوت لما يأتي في حديث عائشة في الباب التالي.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".