وسأذكر ما تيسير من ذلك في المسألة التالية، إن شاء الله تعالى.
وهذا الحديث من أفراد المصنف رحمه الله تعالى، لم يخرجه أحد من أصحاب الأصول غيره، وأخرجه أحمد جـ ٤/ ٣٨٦، قال: حدثنا حَيْوَة بن شُرَيْح، ثنا بقية، ثنا بَحِير بن سعيد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن عمرو بن عبسة أنه حدثهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"من بنى لله مسجدًا، ليذكر الله عز وجل فيه، بنى الله له بيتًا في الجنة، ومن أعتق نفسًا مسلمة كانت فديته من جهنم، ومن شاب شيبة في سبيل الله عز وجل كانت له نورًا يوم القيامة".
قال الجامع عفا الله عنه: إن تصريح بقية بالتحديث في رواية أحمد -رحمه الله- هذه لا يصحح حديثه؛ لأنه مطعون بتدليس التسوية، ومن يدلس التسوية لابد أن يصرح من فوقه كلهم بالسماع، وهنا لم يصرحوا.
وتدليس التسوية: هو أن يسقط ضعيفًا بين ثقتين، وذلك بأن يذكر شيخه وهو ثقة، ويسقط من فوقه لكونه ضعيفًا، وهو يروي عن ثقة، ثم يأتي بلفظ محتمل لسماع شيخه عن الثقة الثاني، وسمي تدليس تسوية لكون المدلس سَوَّى السند كله بذكر الثقات دون غيرهم، ويسمى أيضًا تجويدًا، لذكر الأجواد فيه دون غيرهم، وهو أشر أنواع التدليس؛ لأن الثقة الأول قد لا يكون معروفًا بالتدليس، ويجده الواقف على السند كذلك بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر، فيحكم له بالصحة، ففيه غرر شديد.
وممن اشتهر بفعل ذلك بقية المذكور، فقد قال ابن أبي حاتم في