يتهاونون به ويجترئون عليه، قال ابن مالك فيه شاهد على ورود في للتعليل، وهو مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - "عذبت امرأة في هرة" قال وخفي ذلك على أكثر النحويين مع وروده في القرآن كقوله تعالى {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ}[الأنفال: آية ٦٨] وفي الحديث كما تقدم وفي الشعر فذكر شواهد انتهى.
واستدل ابن بطال بهذه الرواية على أن التعذيب لا يختص بالكبائر، بل قد يقع على الصغائر، قال: لأن الاحتراز من البول لم يرد فيه وعيد يعني قبل هذه القصة. وتعقب برواية منصور عند البخاري، "ثم قال بلى" أي أنه لكبير، وصرح به في الأدب من طريق عبد بن حُميد عنه فقال:"وما يعذبان في كبير، وإنه لكبير" أفاده في الفتح جـ ١/ ص ٣٨٠.
تنبيه: وقد اختلف في معني قوله "وإنه لكبير" فقال أبو عبد الملك البوني: يحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - ظن أن ذلك غير كبير، فأوحى إليه في الحال بأنه كبير، فاستدرك، وتعقب بأنه يستلزم أن يكون نسخا، والنسخ لا يدخل الخبر، وأجيب بأن الحكم بالخبر يجوز نسخه فقوله "وما يعذبان في كبير" إخبار بالحكم، فهذا أوحي إليه أنه كبير، فأخبر به، كان نسخا لذلك الحكم.
وقيل: يحتمل أن الضمير في قوله: وإنه يعود على العذاب، لما ورد في صحيح ابن حبان من حديث أبي هريرة "يعذبان عذابا شديدا في ذنب هين".
وقيل: الضمير يعود على أحد الذنبين، وهو النميمة لأنها من الكبائر، بخلاف كشف العورة، وهذا مع ضعفه غير مستقيم؛ لأن الاستتار المنفي ليس المراد به كشف العورة فقط كما سيأتي.
وقال الداودي، وابن العربي:"كبيرٌ" المنفي بمعنى أكبر، والمثبت واحد الكبائر، أي ليس ذلك بأكبر الكبائر كالقتل مثلا، وإن كان كبيرًا في الجملة.