وفي "سنن ابن ماجه" حديث آخر يقتضي تفضيل الصلاة في مسجد مكة، إلا أنه مخالف لما تقدم في قدر الثواب، رواه عن أنس مرفوعًا، وفيه "وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وصلاته في مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة". قال العراقي -رحمه الله-: فيه أبو الخطاب الدمشقي يحتاج إلى الكشف عنه.
وذهب آخرون إلى أن معنى الاستثناء إلا المسجد الحرام، فإن الصلاة في مسجدي أفضل من الصلاة فيه بدون ألف صلاة. ذكر ابن عبد البر أن يحيى بن يحيى سأل عبد الله بن نافع عن معنى هذا الحديث، فذكر هذا، ثم قال ابن عبد البر: تأويل ابن نافع بعيد عند أهل المعرفة باللسان، قال: ويلزمه أن يقول: إن الصلاة في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بتسعمائة ضعف وتسعة وتسعين ضعفًا، وإذا كان هكذا لم يكن للمسجد الحرام فضل على سائر المساجد إلا بالجزء اللطيف على تأويل ابن نافع، وحسبك ضعفًا بقول يؤول إلى هذا.
وقال ابن بطال: مَثَّلَ بعض أهل العلم بلسان العرب الاستثناء في هذا الحديث بمثال بين فيه معناه، فإذا قلت: اليمن أفضل من جميع البلاد بألف درجة، إلا العراق جاز أن يكون العراق مساويًا لليمن، وجاز أن يكون فاضلًا، وأن يكون مفضولًا، فإن كان مساويًا فقد علم