قال: فكيف يحتجون بحديث قد روي فيه ضد ما ذكروه نصًا من روايات الثقات إلى ما في إسناده من الاختلاف أيضًا.
وقد ذكره عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني سليمان بن عتيق، وعطاء، عن ابن الزبير أنهما سمعاه يقول:"صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيه، ويشير إلى مسجد المدينة".
ثم روى ابن عبد البر بإسناده عن سليمان بن عتيق، عن ابن الزبير، عن عمر "صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه إلا مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنما فضله عليه بمائة صلاة".
ثم قال: على أنه لم يتابع سليمان بن عتيق على ذكره عمر، وهو مما أخطأ فيه عندهم، وانفرد به، وما انفرد به فلا حجة فيه، وإنما الحديث محفوظ عن ابن الزبير. انتهى. طرح التثريب في شرح التقريب جـ ٦ ص ٤٦ - ٤٩.
قال الجامع عفا الله عنه: فظهر بهذا أن المراد بالاستثناء تفضيل المسجد الحرام على مسجد المدينة، كما هو رأي الجمهور. والله أعلم.
المسألة السابعة: استدل الجمهور بهذا الحديث بالتقرير الذي تقدم على تفضيل مكة على المدينة؛ لأن الأمكنة تشرف بفضل العبادة فيها على غيرها، مما تكون العبادة فيه مرجوحة.
وهو مذهب سفيان بن عيينة، والشافعي، وأحمد، في أصح الروايتين عنه، وابن وهب، ومطرف، وابن حبيب, الثلاثة من أصحاب