في عمرته، فتعين أن القصة كانت في حجته، وهو المطلوب، وبذلك جزم البيهقي، وإنما لم يدخل في الكعبة في عمرته لِمَا كان في البيت من الأصنام، والصور، وكان إذ ذاك لا يتمكن من إزالتها، بخلاف عام الفتح. ويحتمل أن يكون - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك لعائشة بالمدينة بعد رجوعه، فليس في السياق ما يمنع ذلك، ونقل عن جماعة من أهل العلم أنه لم يدخل الكعبة في حجته. أفاده في الفتح جـ ٣ ص ٥٤٤ - ٥٤٥.
قال الجامع عفا الله عنه: الاحتمال الذي ذكره الحافظ بأنه قال لها ذلك في المدينة، وأنه ليس في السياق ما يمنعه، عندى بعيد، بل السياق يأباه، إلا بتكلف، فإن قوله:"خرج من عندها، وهو قرير العين، ثم رجع وهو كئيب" ظاهر في كون ذلك في مكة. والقول بأنه لم يدخل في حجته البيت لا دليل عليه، فالظاهر ما جزم به البيهقي، من أنه دخل في حجته. والله أعلم.
المسألة الثامنة: في هذه الرواية إثبات صلاته - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة.
وفي صحيح البخاري، وغيره عن ابن عباس - رضي الله عنهما - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل البيت، فكبر في نواحيه، ولم يصل فيه". ورواه مسلم بلفظ "ودعا, ولم يصل".
وإنما تلقى ابن عباس ذلك عن أسامة بن زيد، ففي صحيح مسلم عنه: أخبرني أسامة بن زيد: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها, ولم يصل فيه، حتى خرج، فلما خرج ركع في قُبُلِ