قال الحافظ: وما نقله عن الفقهاء، ليس هو قول جميعهم، لكن كلام الرافعي يشعر بترجيحه حيث حكى في تعريف الكبيرة وجهين: أحدهما هذا، والثاني ما فيه وعيد شديد، قال وهم إلى الأول أميل، والثاني أوفق لما ذكروه عند تفصيل الكبائر، انتهى.
ولا بد من حمل القول الأول على أن المراد به غير ما نص عليه في الأحاديث الصحيحة، وإلا لزم أن لا يعد عقوق الوالدين، وشهادة الزور، من الكبائر مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدهما من أكبر الكبائر.
قال الحافظ: وعُرفَ بهذا الجوابُ عن اعتراض الكرماني بأن النميمة قد نص في الصحيح على أنه كبيرة اهـ فتح، جـ ١/ ص ٣٨١.
وقال الحافظ في الفتح في كتاب الأدب، جـ ١٠/ ص ٤٨٨ ما نصه:
قال الغزالي ما ملخصه: ينبغي لمن حملت إليه نميمة أن لا يصدق من ثم له، ولا يظن بمن نُمَّ عنه ما نُقل عنه، ولا يبحث عن تحقيق ما ذكر له، وأن ينهاه ويقبح له فعله، وأن يبغضه إن لم ينزجر، وأن لايرضى لنفسه ما نهى النمام عنه، فينم هو على النَّمَّام فيصير نمّامًا.
قال النووي: وهذا كله إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية، وإلا فهي مستحبة، أو واجبة كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤدي شخصا ظلما فحذره منه، وكذا من أخبر الإمام أو من له ولاية بسيرة نائبه مثلا فلا منع من ذلك.
وقال الغزالي ما ملخصه: النميمة في الأصل نقل القول إلى المقول فيه، ولا اختصاص لها بذلك، بل ضابطها كشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه، أو المنقول إليه أو غيرهما، وسواء كان المنقول قولا أم فعلا وسواء كان عيبا أم لا، حتى لو رأى شخصا يخفى ما له فأفشى كان نميمة.