وليس في السياق ما يقطع على أنه باشر الخ بأنه قد صرح في الحديث بأنه دعا بجريدتين فكسرهما فوضع على كل قبر منهما كسرة فهذا صريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - وضعه بيديه الكريمتين، ودعوى احتمال الأمر لغيره به بعيدة وهي كدعوي احتمال مجيء غلام زيد في قولك جاء زيد، ومثل هذا الاحتمال لا يعتد به اهـ عمدة، جـ ٢/ ص ٤٣٧.
قال الجامع عفا الله عنه: قلت: الذي قاله الخطابي ومن تبعه من استنكار وضع الجريدة ونحوها على القبر هو الذي يترجح عندي، لأنه أمر يختص به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من حيث كونه مغيبا لا يمكن الاطلاع عليه إلا بالوحي ومن حيث بركة يده كما علله الخطابي وعياض بذلك.
وأما ما قاله الحافظ: لا يلزم من كوننا الخ فغير صحيح لأن الدعاء أمرنا به أطلعنا على التعذيب أم لا؟ لأنه ليس معللا بالتعذيب بخلاف وضع الجريدة، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لكل ميت وأمر به، بخلاف غرزها، فإنه ما فعله إلا لأشخاص معينين (١) معللا ذلك بما ذكر، ولأنه اقتدى به الصحابة ومن بعدهم على الدعاء بخلاف غرزها فما نقل إلا عن بريدة رضي الله عنهم أجمعين فهو قياس مع الفارق.
وأما قوله: وليس في السياق ما يقطع على أنه باشر الوضع بيده فقد علمت جوابه في كلام العلامة بدر الدين العيني من أن السياق صريح في ذلك فتأمل والله أعلم، وقال في المنهل، جـ ١ / ص ٨٣:
ويدل على ذلك أنه لم يثبت عن أحد من الصحابة غير بريدة، ولا سيما الخلفاء الراشدون أنه وضع جريدا ولا غيره على القبور، ولو كان سنة ما تركه أولئك الأئمة، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء
(١) هذا إذا قلنا: إن الصحيح تعدد الواقعة، أي في حديث ابن عباس، وجابر، وأبي هريرة، كما تقدم.