ويعارضه ما سيأتي من قصة عمر وحسان رضي الله عنهما، وتصريح حسان بأنه كان ينشد الشعر بالمسجد، وفيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال:"شهدت النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مائة مرة في المسجد، وأصحابه يتذاكرون الشعر وأشياء من أمر الجاهلية، فربما تبسم معهم". رواه أحمد وأخرجه الترمذي، ولفظه:"جالست النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر من مائة مرة، فكان أصحابه يتناشدون الشعر، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية، وهو ساكت، فربما تبسم معهم"، وقال: هذا حديث صحيح.
وقد جُمِعَ بين الأحاديث بوجهين:
الأول: حمل النهي على التنزيه، والرخصة على بيان الجواز.
الثاني: حمل أحاديث الرخصة على الشعر الحسن المأذون فيه، كهجاء حسان للمشركين، ومدحه -صلى الله عليه وسلم-، وغير ذلك، ويحمل النهي على التفاخر، والهجاء، ونحو ذلك. ذكر هذين الوجهين العراقي في شرح الترمذي.
قال الجامع عفا الله عنه: والمسلك الثاني هو الأولى في الجمع، وهو الذي سلكه المصنف، حيث قال في الترجمة التالية:"الرخصة في إنشاد الشعر الحسن في المسجد".
وقال الشافعي رحمه الله: الشعر كلام، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح. وقد ورد هذا مرفوعًا في غير حديث، فأخرج أبو يعلى عن