للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

التفرقة بين رفع الصوت بالعلم والخير وما لابد منه, فيجوز، وبين رفعه باللفظ ونحوه؛ فلا.

قال الجامع عفا الله عنه:

هذا التفصيل المنقول عن مالك في هذه الرواية هو الذي يترجح عندي في المسألة.

وحاصله أن يقال: إن رفع الصوت في المسجد إن كان فيما يتعلق به غرض ديني، أو نفع دنيوي فجائز، وإلا فلا، وعلى ذلك يدل عمل الإِمام البخاري رحمه الله في صحيحه، حيث ترجم "باب رفع الصوت في المساجد"، ثم ساق بسنده عن السائب بن يزيد، قال: "كنت قائمًا في المسجد، فحصبني رجل، فنظرت، فإذا عمر بن الخطاب، فقال: اذهب فائتني بهذين، فجئته بهما، قال: من أنتما -أو من أين أنتما-؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

ثم أورد بسنده حديث كعب بن مالك أنه تقاضى ابن أبي حَدْرَدٍ دينًا له عليه في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو في بيته، فخرج إليهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى كشف سجْفَ حُجْرَته، ونادى: "يا كعب بن مالك، يا كعب"، قال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ضَعِ الشطر من دينك، قال: قد فعلت يا رسول الله، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قم فاقضه".