الوجوب، إذ لا صارف له إلى الاستحباب، ولم أر من نَبَّه عليه. والله أعلم.
(وإِذا خرج فليقل: اللهم إِني أسألك من فضلك) أي من رزقك الحلال. وخصت الرحمة بالدخول، والفضل بالخروج؛ لأن المسجد محل رحمة الله ومغفرته، وخارج المسجد محل طلب الرزق، فشرع لكلٍّ أن يدعو ربه بما يناسب حاله. والله أعلم.
وقال ولِيُّ الله الدهلوي رحمه الله تعالى في حجة الله البالغة: الحكمة في تخصيص الداخل بالرحمة، والخارج بالفضل أن الرحمة في كتاب الله أريد بها النعم النفسانية، والأخروية، كالولاية والنبوة، قال تعالى:{وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[الزخرف: ٣٢]، والفضل على النعم الدنيوية، قال تعالى:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: ١٩٨]، وقال تعالى:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[الجمعة: ١٠]، ومن دخل المسجد إنما يطلب القرب من الله تعالى، والخروج وقت ابتغاء الرزق. اهـ.
وقال ابن رسلان رحمه الله: سؤال الفضل عند الخروج موافق لقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}، يعني الرزق الحلال، وقيل:{وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} هو طلب العلم، والوجهان متقاربان؛ فإن العلم من رزق الله تعالى؛ لأن الرزق لا يختص بقوت البدن، بل يدخل فيه قوت الأرواح،