المنبر، فأمر به، فقُلِعَ، فأظلمت المدينة، فخرج مروان، فخطب، وقال: إنما أمرني أمير المؤمنين أن أرفعه، فدعا نجاراً وكان ثلاث درجات، فزاد فيه الزيادة التي هو عليها اليوم. ورواه من وجه آخر، قال:"فكسفت الشمس حتى رأينا النجوم، وقال: فزاد فيه ست درجات، وقال: إنما زدت فيه حين كثر الناس.
قال ابن النجار، وغيره: استمر على ذلك إلا ما أصْلِحَ منه إلى أن احترق مسجد المدينة سنة أربع وخمسين وستمائة، فاحترق، ثم جدد المظفر صاحب اليمن سنة ست وخمسين منبرًا، ثم أرسل الظاهر بيبرس بعد عشر سنين منبرًا، فأزيل منبر المظفر، فلم يزل إلى هذا العصر، فأرسل الملك المؤيد سنة عشرين وثمانمائة منبرًا جديدًا، وكان أرسل في سنة ثماني عشرة منبرًا جديدًا إلى مكة أيضًا، شكر الله له صالح عمله آمين. اهـ "فتح" جـ ٣ ص ٥٩ - ٦١.
وقال في "العمدة" جـ ٦ ص ٢١٦: فإن قلت: رَوَى أبو داود عن ابن عمر: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما بَدَّنَ (١) قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك منبرًا يا رسول الله، يَجْمَع -أو يَحْمِل- عظامك؟ قال:"بلى" فاتخذ له منبرًا مِرْقاتين". أي اتخذ له منبرًا درجتين، فبينه وبين ما ثبت في
(١) قوله: بدن: يقال: بَدَنَ، بُدُونًا، من باب قَعَدَ: عظُم بدنه بكثرة لحمه، فهو بَادن، يشترك فيه المذكر، والمؤنث، والجمع: بُدَّن، مثل راكع ورُكَّع، وبَدَّن، تبدينًا: كَبِرَ، وأسنَّ. اهـ مصباح. جـ ١ ص ٤.