للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ففي هذا دليل على أن الحياة إنما قصد بذكرها إلى الحيوان ذوات الأرواح.

ثم أخرج أبو عمر بسنده عن سعيد بن أبي الحسن، قال: كنت عند ابن عباس، إذ جاءه رجل، فقال: إني أردت أنمي معيشتي من صنعة يدي، وإني أصنع هذه التصاوير. فقال ابن عباس: لا أحدثك إلا ما سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول، سمعته يقول: "من صوّر صورة، فإن الله معذبه يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ فيها أبداً". قال: فكبا لها الرجل كبوة شديدة، واصفر وجهه، ثم قال: ويحك إن أبيت إلا أن تصنع، فعليك بهذه الشجرة، وكل شيء ليس فيه روح.

وقد كان مجاهد يكره صورة الشجر. قال أبو عمر: وهذا لا أعلم أحداً تابعه على ذلك. ذكر ابن أبي شيبة عن عبد السلام، عن ليث، عن مجاهد، أنه كان يكره أن يصور الشجر المثمر.

ومما يدل على أن الاختلاف في هذا الباب قديم: ما ذكره ابن أبي شيبة، عن ابن علية، عن ابن عون، قال: كان في مجلس محمد بن سيرين وسائد فيها تماثيل عصافير، فكان أناس يقولون في ذلك، فقال محمد: إن هؤلاء قد أكثروا علينا، فلو حولتموها. وهذا من ورع ابن سيرين رحمه الله. انتهى خلاصة ما ذكره الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى (١).


(١) "التمهيد" جـ ٢١ ص ١٩١ - ٢٠١.