قال أبو عمر رحمه الله: وأجمعوا أن أبا بكر كان يكتب: من خليفة رسول الله في كتبه كلها. وذكر نافع بن عمر الجُمَحي، عن ابن أبي مليكة أن رجلاً قال لأبي بكر: يا خليفة الله، فقال أبو بكر: أنا خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنا راضٍ بذلك. وبعث عمر بن عبد العزيز محمد بن الزبير إلى الحسن يسأله هل استخلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أبا بكر؟ فقال: نعم.
قال أبو عمر: إنما قال هذا استدلالاً بنحو ما ذكرنا من الحديث -والله أعلم- ولم يُختَلَف عن عمر أنه لما حضرته الوفاة، قال: إن أستخلف، فقد استخلف أبو بكر، وإن لم أستخلف، فلم يستخلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن عمر: فلما ذكر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علمت أنه لا يستخلف، وهذا معناه أنه لم يستخلف نصًا ولا تصريحًا. والله أعلم.
وقد استدل قوم من أهل العلم على خلافة أبي بكر بقوله الله عز وجل:{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}[الفتح: ١٦]-ومعلوم أن الداعي لأولئك القوم غير النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الله قد منع المخلفين من الأعراب من الخروج مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله:{فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ}[التوبة: ٨٣]. وقد أرادوا الخروج معه إلى بعض ما رَجَوا فيه الغنيمة، فأنزل الله:{سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ}