من كفر ببدعته لا تصح الصلاة وراءه، ومن لا يكفر تصح؛ فممن يكفر: من يجسم تجسيماً صريحاً، ومن ينكر العلم بالجزئيات. وأما من يقول بخلق القرآن فهو مبتدع، واختلف أصحابنا في تكفيره، فأطلق أبو علي الطبري في "الإفصاح"، والشيخ أبو حامد الإسفرايني، ومتابعوه، القول بأنه كافر، قال أبو حامد، ومتابعوه: المعتزلة كفار، والخوارج ليسوا بكفار، ونقل المتولي تكفير من يقول بخلق القرآن عن الشافعي، وقال القفال، وكثيرون من الأصحاب: يجوز الاقتداء بمن يقول بخلق القرآن وغيره من أهل البدع، قال صاحب العدة: هذا هو المذهب.
قال النووي:
وهذا هو الصواب، فقد قال الشافعي رحمه الله: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية؛ لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم. ولم يزل السلف والخلف يرون الصلاة وراء المعتزلة، ونحوهم، ومناكحتهم، وموارثتهم، وإجراء سائر الأحكام عليهم.
وتأول الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر البيهقي، وغيره من أصحابنا المحققين ما نقل عن الشافعي، وغيره من العلماء؛ من تكفير القائل بخلق القرآن على أن المراد كفران النعمة، لا كفران الخروج عن الملة، وحَمَلَهم على هذا التأويل ما ذكرته من إجراء أحكام الإسلام عليهم (١).