وإنما نهي عن القعود على تكرمة الرجل؛ لأن المكان الذي يجلس فيه صاحب الدار عادة، ويخص به نفسه، يكون محلاً لأشياء لا يحب أن يطلع عليها غيره، أو يكون مشرفاً على داره كلها، أو على ما يريده هو، فيرى منه أحوال أهل بيته، ويبلغهم ما يريد، فإذا أذن لغيره بالجلوس، علم أن المكان آمن من ذلك كله. والله تعالى أعلم.
(إِلا بإِذنه) قيل: الاستثناء متعلق بكلا الفعلين، فيجوز أن يؤم الزائر صاحب البيت، ويجلس على تكرمته بإذنه. وقيل: متعلق بالثاني فقط، والراجح الأول.
قال الإمام أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى:
والعمل على هذا -يعني حديث أبي مسعود المذكور في الباب- عند أهل العلم، قالوا: أحق الناس بالإمامة أقرؤهم لكتاب الله، وأعلمهم بالسنة، وقالوا: صاحب المنزل أحق بالإمامة. وقال بعضهم: إذا أذن صاحب المنزل لغيره، فلا بأس أن يصلي بهم. وكرهه بعضهم، وقالوا: السنة أن يصلي صاحب البيت.
قال أحمد بن حنبل: وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا يُؤَمُّ الرجلُ في سلطانه، ولا يجلس في بيته على تكرمته، إلا بإذنه". فإذا أذن، فأرجو أن الإذن في الكل، ولم ير به بأساً إذا أذن له أن يصلي به.
انتهى كلام الترمذي رحمه الله تعالى (١). والله تعالى أعلم، ومنه