دل حديث الباب والأحاديث التي ذكرناها على منع الاستنجاء بالعظم والروث.
وقد اختلف العلماء في ذلك فقال الثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحق، والظاهرية: لا يصح الاستنجاء بهما، واستدلوا بهذه الأحاديث وغيرها.
وذهب بعض البغداديين إلى جواز ذلك، وهو قول أبي حنيفة، قال في البدائع: فإن فعل يعني الاستنجاء بالعظم يعتد به عندنا، فيكون مقيما للسنة، ومرتكبا للكراهة. اهـ.
قال الجامع عفا الله عنه: ويرده ما رواه الدارقطني، وصححه عن أبي هريرة كما تقدم قريبا. وفيه وقال "إنهما لا يطهران" فإنه نص صريح في عدم الجواز.
وقال الحافظ في الفتح: من قال: علة النهي عن الروث كونه نجسا ألحق به كل نجس، ومتنجس، وعن العظم كونه لزجا فلا يزيل إزالة تامة ألحق به ما في معناه كالزجاج الأملس، ويؤيده ما رواه الدارقطني، وصححه من حديث أبي هريرة، فذكر الحديث الذي مر آنفا.
وقال النووي في شرح مسلم: نبه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرجيع على جنس النجس، فإن الرجيع هو الروث، وأما العظم فلكونه طعاما للجن فنبه به على جميع المطعومات، وتلحق به المحترمات، كأجزاء الحيوان، وأوراق كتب العلم، ولا فرق في النجس بين المائع والجامد. فإن استنجى بنجس لم يصح استنجاؤه، ووجب عليه بعد ذلك الاستنجاء بالماء ولا يجزئه الحجر؛ لأن الموضع صار نجسا بنجاسة أجنبية، ولو استنجى بمطعوم أو غيره من المحترمات الطاهرات فالأصح أنه لا يصح استنجاؤه، ولكن يجزئه الحجر بعد ذلك إن لم يكن نقل النجاسة من