ولا تنافي بين الروايتين؛ لأنه يحمل على أن بلالاً استفهم أبا بكر هل يبادر أول الوقت لتنفيذ أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أم أنه ينتظر قليلاً مجيئه -صلى الله عليه وسلم-، حتى يصلي بالناس؟ فترجح لأبي بكر رضي الله عنه المبادرة؛ لأنها فضيلة متحققة، فلا تترك لفضيلة متوهمة. أفاده في الفتح (١).
(قال) أبو بكر رضي الله عنه: (نعم، إِن شئت) وإنما فوض لمشيئته مع كونه أمره -صلى الله عليه وسلم- أن يؤم الناس؛ لاحتمال أن يكون عنده زيادة علم من النبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك.
(فأقام بلال) رضي الله عنه بالصلاة (وتقدم أبو بكر) رضي الله عنه (فكبر بالناس) وفي بعض النسخ "فكبر الناسُ" والظاهر أن يكون الناس فاعلاً، أي كبر أبو بكر، وكبر الناس معه.
وعند الطبراني من رواية المسعودي:"فاستفتح أبو بكر الصلاة". وعند البخاري:"فصلى أبو بكر"، أي دخل في الصلاة، وابتدأ فيها.
وبهذا يفرق بين ما هنا، حيث امتنع أبو بكر رضي الله عنه أن يستمر إماماً، وبين ما وقع في مرض موته -صلى الله عليه وسلم-، حيث استمر على صلاته، وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- خلفه الركعة الثانية من الصبح، كما صرح به موسى بن عقبة في المغازي، فكأنه لمّا مضى معظم الصلاة هناك حسن الاستمرار، ولما لم يمض منها هنا إلا اليسير لم يستمرّ.