"عن أبي هريرة" رضي الله عنه "عن النبي - صلى الله عليه وسلم -" أنه "قال إنما أنا لكم مثل الوالد" ولفظ أبي داود "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد" ولفظ ابن ماجه كلفظ المصنف إلا أنه زاد "لولده".
والمعنى: أنه مثل الوالد لولده في الشفقة والحُنُوّ، لا في الرتبة والعُلُوّ، لأنه لا يماثل النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهما أحد قاله في المنهل، جـ ١/ ص ٤٥.
"أعلمكم" جملة حالية من "أنا" وحذف المفعول لأفادة التعميم، أي كل ما تحتاجون إليه من أمر دينكم، ولا يمنعني من ذلك التصريح بما يُستهجن، ولا أبالي بما يُستحيى من ذكره، وهذا تمهيد لما يُبَيّن لهم من آداب الخلاء إذ الإنسان كثيرا ما يستحي من ذكرها، ولا سيما في مجلس العظماء، قاله السندي رحمه الله، جـ ١/ ص ٣٨.
"إذا ذهب أحدكم" يشمل الذكر والأنثي، والجملة مستأنفة استئنافا بيانيا، وهو الذي يقع جوابا لسؤال مقدر، فكأنهم قالوا له ماذا تعلمنا؟ فأجابهم قائلا إذا ذهب أحدكم "إلى الخلاء" ولفظ أبي داود إلى الغائط.
والخلاء: كالفضاء وزنا ومعنى، والخلاء أيضا المتوضأ، وقد تقدم أن الخلاء بالمد موضع قضاء الحاجة، سمي بذلك لخلائه في غير أوقات قضاء الحاجة، وهو الكنيف والحُشّ والمرفق والمرحاض أيضا، وأصله المكان الخالي، ثم كثر استعماله حتى تجُوِّزَ به عن الخارج، يعني أنه إذا ذهب أحدكم إلى المكان الخالي لأجل أن يقضي فيه حاجته، أو ذهب لقضاء الخلاء أي الخارج من البول والغائط فإلى بمعنى اللام، والخلاء بمعنى الخارج إطلاقا للمحلّ على الحالّ.
"فلا يستقبل القبلة" جواب إذا ولا ناهية، أي لا يتوجه إليها "ولا يستدبرها" أي لا يولّها ظهره "ولا يستنج بيمينه" أي لا يغسل موضع