للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: قد علمت أن الظاهر من سياق مسلم أنه مرفوع، كما تقدم نص سياقه. فتأمل.

قال: وقد ذكر جماعة من أهل العلم، منهم الشافعي، أن حديث ابن مسعود هذا منسوخ؛ لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهو بمكة، وفيها التطبيق، وأحكام أخر، هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، فلما قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة تركه، وعلى فرض عدم علم التاريخ لا ينتهض هذا الحديث لمعارضة الأحاديث المتقدمة في أول الباب (١).

وقد وافق ابن مسعود على وقوف الاثنين عن يمين الإمام ويساره، أبو حنيفة، وبعض الكوفيين. ومن أدلتهم ما رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "وسطُوا الإمام، وسدوا الخلل" (٢). وهو محتمل أن يكون المراد اجعلوه مقابلاً لوسط الصف الذي خلفه، ومحتمل أن يكون من قولهم فلان واسطة قومه: أي خيارهم، ومحتمل أن يكون المراد اجعلوه وسط الصف فيما بينكم غير متقدم، ولا متأخر، ومع الاحتمال لا ينتهض للاستدلال. وأيضاً هو مهجور الظاهر بالإجماع؛ لأن ابن مسعود، ومن معه إنما قالوا بتوسيط الإمام في الثلاثة، لا فيما زاد عليهم، فيقفون خلفه، وظاهر الحديث عدم الفرق بين الثلاثة، وأكثر منهم.

انتهى كلام الشوكاني رحمه الله تعالى (٣).


(١) يعني الأحاديث المذكورة في كلام ولي الدين رحمه الله.
(٢) حديث ضعيف؛ لأن فى سنده يحيى بن بشير بن خلاد، مجهول الحال، وعن أمه، وهي مجهولة.
(٣) نيل الأوطار جـ ٤ ص ٨٥.