ظهر لي من وجهه كراهية؛ لأن مخالفتهم في الصفوف مخالفة في ظواهرهم، واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن. ويؤيده رواية أبي داود، وغيره بلفظ:"أو ليخالفن الله بين قلوبكم".
وقال القرطبي: معناه تفترقون، فيأخذ كل واحد وجهًا غير الذي أخذ صاحبه؛ لأن تقدم الشخص على غيره مَظِنَّة للتكبر المفسد للقلب الداعي إلى القطيعة.
والحاصل أن المراد بالوجه إن حمل على العضو المخصوص، فالمخالفة إما بحسب الصورة الإنسانية، أو الصفة، أو جعل القُدّام وراء. وإن حمل على ذات الشخص، فالمخالفة بحسب المقاصد، أشار إلى ذلك الكرماني. ويحتمل أن يراد المخالفة في الجزاء، فيجازي المُسَوِّيَ بخير، ومن لا يُسَوِّي بشر. انتهى كلام الحافظ رحمه الله تعالى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن حمله على ظاهر الحديث أولى، ولا ينافي ذلك وقوع تخالف قلوبهم الذي دل عليه حديث:"أو ليخالفن الله بن قلوبكم"، وحديث:"لا تختلفوا، فتختلف قلوبكم"، ولا بعد في حصول الأمرين, كما دلت النصوص عليه، والله تعالى أعلم، ومنه التوفيق، وعليه التكلان.