للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيحمل المطلق على المقيد (١). ويدل على ذلك صلاته -صلى الله عليه وسلم- بين الساريتين، فيكون النهي على هذا مختصًا بصلاة المؤتمين بين السواري، دون الإمام والمنفرد، وهذا أحسن ما يقال، وما تقدم من قياس المؤتمين على الإمام والمنفرد فاسد الاعتبار، لمصادمته لأحاديث الباب. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله تعالى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قال الشوكاني رحمه الله تعالى هو المتجه عندي. وهو أن النهي الوارد في الصلاة بين السواري محمول على المأمومين، لا على الإمام والمنفرد، جمعًا بين الأدلة؛ لأن حديث معاوية بن قرّة، عن أبيه: "كنا ننهى أن نصف بين السواري". صريح في المأمومين، وأما الإمام، والمنفرد، فلا يدخلان في النهي، لصلاته -صلى الله عليه وسلم- في الكعبة بين السواري.

تْم ظاهر النهي للتحريم، إلا إذا قلنا: إن صلاته -صلى الله عليه وسلم- بين السواري


(١) قال الجامع: حديث أنس الذي أشار إليه الشوكاني، وعزاه إلى الحاكم، لفظه كما قال: "كنا ننهى عن الصلاة بين السواري، ونطرد عنها"، وأنا أرى هذا خطأ، إذ حديث أنس الذي أخرجه الحاكم، هو الذي أخرجه النسائي هنا، ولفظه: "كنا نتقي هذا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-". وأما بلفظ كنا ننهى … إلخ، فهو حديث معاوية ابن قرة، عن أبيه، وقد أخرجه الحاكم أيضًا. كما سبق بيانه، فالظاهر أن اشتبه أحد اللفظين بالآخر على الشوكاني، أو على من نقل هو عنه ذلك، فتأمل، والله تعالى أعلم.
(٢) "نيل الأوطار" جـ ٤ ص ١٠٣ - ١٠٤.