وقال السندي رحمه الله في شرحه: قوله: "وكان" أي البراء، غير كذوب، أي حتى يُتوهم منه أنه كذب في تبليغ الأحكام الشرعية، وفيه أن الكذب في الأحكام لا يتأتى عادة إلا من كذوب، يبالغ في الكذب، والمقصود التوثق بما حدث. انتهى (١).
ووقع عند البخاري:"وهو غير كذوب". فقال في "الفتح": الظاهر أنه من كلام عبد الله بن يزيد، وعلى ذلك جرى الحميدي في "جمعه"، وصاحب "العمدة". لكن روى عباس الدوري في "تاريخه" عن يحيى بن معين، أنه قال: قوله: "وهو غير كذوب" إنما يريد عبد الله ابن يزيد الراوي عن البراء، لا البراء، ولا يقال لرجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غير كذوب. يعني أن هذه العبارة إنما تحسن في مشكوك في عدالته، والصحابة كلهم عدول، لا يحتاجون إلى تزكية.
وقد تعقبه الخطابي، فقال: هذا القول لا يوجب تهمة في الراوي، وإنما يوجب حقيقة الصدق له، قال: وهذه عادتهم إذا أرادوا تأكيد العِلْم بالراوي، والعمل بما روى. كان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت خليلي الصادق المصدوق. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: حدثني الصادق المصدوق.
وقال عياض وتبعه النووي: لا وَصْمَ في هذا على الصحابة؛ لأنه لم يرد به التعديل، وإنما أراد به تقوية الحديث، إذْ حدث به البراء،