لثبوت الأمر بالائتمام والاتباع، وكثرة الأحاديث الواردة في ذلك.
وأجاب ابن خزيمة عن استبعاد ذلك بأن الأمر قد صدر من النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، واستمر عليه عمل الصحابة في حياته وبعده، فروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن قيس بن قَهْد الأنصاري:"أن إمامًا لهم اشتكى على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: فكان يؤمنا، وهو جالس، ونحن جلوس".
وروى ابن المنذر بإسناد صحيح عن أسيد بن حضير أنه كان يؤم قومه، فاشتكى، فخرج إليهم بعد شكواه، فأمروه أن يصلي بهم، فقال: إني لا أستطيع أن أصلي قائمًا، فاقعدوا، فصلى بهم قاعدًا، وهم قعود. وروى أبو داود من وجه آخر عن أسيد بن حضير أنه قال: يا رسول الله، إن إمامنا مريض، قال:"إن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا". وفي إسناده انقطاع.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن جابر رضي الله أنه اشتكى، فحضرت الصلاة، فصلى بهم جالسًا، وصلوا معه جلوسًا، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه أفتى بذلك، وإسناده صحيح أيضًا.
وقد ألزم ابن المنذر من قال بأن الصحابي أعلم بتأويل ما روى، بأن يقول بذلك؛ لأن أبا هريرة، وجابرًا رويا الأمر المذكور، واستمرا على العمل به، والفتيا بعد النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويلزم ذلك من قال: إن الصحابي إذا روى، وعمل بخلافه أن العبرة بما عمل من باب أولى؛