للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الأزهري: يذهب كثير من الناس إلى أن التهجير في هذه الأحاديث من المهاجرة وقت الزوال، قال: وهو غلط، والصواب فيه ما روى أبو داود المَصاحِفي، عن النضر بن شميل، أنه قال: التهجير إلى الجمعة وغيرها التبكير والمبادرة إلى كل شيء، قال: وسمعت الخليل يقول ذلك، قاله في تفسير هذا الحديث. يقال: هَجَّرَ يُهَجِّرُ تهجيرًا، فهو مُهَجِّر. قال الأزهري: وهذا صحيح، وهي لغة أهل الحجاز، ومن جاورهم من قيس. قال لَبِيد [من الطويل]:

رَاحَ الْقَطِينُ بِهَجْرٍ بَعْدَمَا ابْتَكَرُوا

فقَرَن الهَجْرَ بالابتكار، والرواح عندهم: الذهاب والْمُضيُّ، يقال: راح القوم، أي خفُّوا ومرّوا، أيّ وقت كان. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لو يعلم الناس ما في التهجير لاستبقوا إليه". أراد التبكير إلى جميع الصلوات، وهو الْمُضِيّ إليها في أول أوقاتها. قال الأزهري: وسائر العرب يقولون: هَجَّر الرجل: إذا خرج بالهاجرة، وهي نصف النهار. انتهى المقصود من كلام ابن منظور رحمه الله تعالى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: دَلَّ ما قاله الأزهري رحمه الله على أن الأصح إطلاق التهجير في هذه الأحاديث على مطلق المبادرة أول الوقت، لا خصوص وقت الهاجرة فقط. والله تعالى أعلم. ومحل الاستدلال واضح من قوله: "إنما مثل المُهَجر إلى الصلاة … ". والله تعالى أعلم.


(١) "لسان العرب" جـ ٦ ص ٤٦١٩.