وقال الحافظ: لا تعد إلى ما صنعت من السعي الشديد، ثم الركوع دون الصف، ثم المشي إلى الصف. وقد ورد ما يقتضي ذلك صريحًا في طرق حديثه، كما تقدم بعضها، وفي رواية عبد العزيز المذكورة: فقال: "مَن الساعي؟ " وفي رواية يونس بن عبيد، عن الحسن، عند الطبراني:"فقال: أيكم صاحب هذا النفس؟ قال: خشيت أن تفوتني الركعة معك". وله من وجه آخر عنه في آخر الحديث:"صل ما أدركت، واقض ما سبقك". وفي رواية حماد عند أبي داود وغيره:"أيكم الراكع دون الصعف"، وقد تقدم من روايته قريبًا:"أيكم دخل الصف وهو راكع".
وتمسك المهلب بهذه الرواية الأخيرة، فقال: إنما قال له: "لا تعد" لأنه مَثَّلَ بنفسه في مشيته راكعًا كمشية البهائم. اهـ (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن ما فسر به الحافظ هو الأولى؛ لأنه المفهوم من مجموع الروايات المذكورة، وأما الاقتصار على بعض المعاني، فيؤدي إلى إلغاء ما دلت عليه بقية الروايات.
والحاصل أنه نهاه عن العودة إلى مثل ما صنع من السعي الشديد؛ بحيث تتضايق نفسه، فيخل بالخشوع المطلوب، ومن الركوع دون الصف، ثم المشي إليه.
وأما ما قاله المهلب من أن سبب النهي هو التشبه بمِشْية البهائم،