وقال الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: اختلفت الآثار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في كيفية رفع اليدين في الصلاة، فروي عنه أنه كان يرفع يديه مدًا فوق أذنيه مع رأسه. وروي عنه أنه كان يرفع يديه حذو أذنيه، وروي عنه أنه كان يرفع يديه حذو منكبيه، وروي عنه أنه كان يرفعهما إلى صدره، وكلها آثار معروفة مشهورة، وأثبت ما في ذلك حديث ابن عمر هذا، وفيه حذو منكبيه، وعليه جمهور التابعين، وفقهاء الأمصار، وأهل الحديث.
وقد روى مالك، عن نافع، عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه في الإحرام حذو منكبيه، وفي غير الإحرام دون ذلك قليلاً. وكل ذلك واسع حسن، وابن عمر راوي الحديث، وهو أعلم بمخرجه وتأويله، وكل ذلك معمول به عند العلماء. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن اختلاف الآثار في هذا الباب يحمل على التوسيع، فالمصلي مخير في الرفع إلى المنكبين في بعض الأحيان، وخيال الأذنين في بعضها، كما هو ظاهر مذهب المصنف رحمه الله، حيث بوب لكل منهما، لكن الرفع إلى المنكبين يكون أكثر، لكونه أقوى، ولأن ابن عمر عبر بـ"كان" المقتضية للاستمرار، فيدل على أن أكثر أحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- الرفع إلى المنكبين، فالكل واسع حسن، كما قال الحافظ أبو عمر رحمه الله تعالى. والله تعالى أعلم