فهذا ما وري عن بعض التابعين في هذا الباب، وليس بخلاف، لأنه لا يثبت عن واحد منهم كراهية، ولو ثبت ذلك ما كانت فيه حجة، لأن الحجة في السنة لمن اتبعها، ومن خالفها فهو محجوج بها، ولاسيما سنة لم يثبت عن واحد من الصحابة خلافها. انتهى كلام الحافظ ابن عبد البر رحمه الله تعالى باختصار (١).
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله تعالى بعد ذكر الخلاف -ما نصه: احتج الجمهور على مشروعية الوضع بأحاديث الباب التي ذكرها المصنف -يعني صاحب المنتقى- وذكرناها، وهي عشرون، عن ثمانية عشر صحابيًا وتابعيين. وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال: لم يأت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه خلاف.
واحتج القائلون بالإرسال بحديث جابر بن سمرة المتقدم بلفظ:"ما لي أراكم رافعي أيديكم". وقد عرفت أن حديث جابر وارد على سبب خاص.
فإن قلت: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. قلنا: إن صدق على الوضع مسمى الرفع، فلا أقل من صلاحية أحاديث الباب لتخصيص ذلك العموم، وإن لم يصدق عليه مسمى الرفع لم يصح الاحتجاج على عدم مشروعيته بحديث جابر المذكور.
قال الجامع عفا الله عنه: ما أبعد هذا الاستدلال، فأين وضع