عبد الله بن عمر موقوفا. ورواه أيوب السختياني، عن محمد بن المنكدر، من قوله، لم يجاوزه، ثم رَوَى بإسناد صحيح من جهة روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر، عن عبد الله بن عمرو، قال:"إذا بلغ
الماء أربعين قلة لم ينجس" اهـ.
فرواية أربعين قلة التي هي مرفوعة لشدة ضعفها، لا تساوي رواية قلتين، وأما رواية أربعين قلة التي هي موقوفة فهي قول عبد الله بن عمرو، وقوله هذا وإن كان صحيحا من جهة السند، فهو لا يساوي رواية قلتين التي هي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأما رواية قلتين، أو ثلاثا، فقد قال البيهقي في المعرفة: قوله أو ثلاثا شك وقع لبعض الرواة. اهـ.
فرواية قلتين أو ثلاثا بالشك ترجع إلى رواية قلتين التي هي خالية من الشك، والظاهر أن الشك من حماد بن سلمة فإن بعض أصحابه يروون عنه قلتين، وبعضهم قلتين أو ثلاثا، أو من عاصم بن المنذر، فإن كل من روى هذا الحديث غيره عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر إنما رواه بلفظ قلتين بغير شك.
وقد اعتذروا أيضا بأن الحديث مضطرب من جهة المعنى، فإن القلة مشترك بين رأس الرجل ورأس الجبل، والجَرَّة والقرْبَة، وغير ذلك، ولم يتعين معناها، وإن أريد بها الأواني كالجرة والخابية فلم يثبت مقدارها، مع أنها متقاربة جدا.
قال المباركفوري: هذا الاعتذار أيضا ليس بشيء فإن القلة بمعنى رأس الرجل، أو رأس الجبل، لا يحصل بها التحديد البتة، والمقصود من الحديث ليس إلا التحديد، فلا يجوز أن يراد من القلة رأس الرجل، أو رأس الجبل، فتعين أن المراد من القلة الأواني.
ولما كانت قلال هجر مشهورة معروفة المقدار عند العرب كثيرة الاستعمال في أشعارهم، ولذلك شبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سدرة المنتهى بقلال هجر تعين أن تكون هي مرادة في الحديث.