الصلاة، فلا تأتوها، وأنتم تسعون" … وأما الاستدلال بآية {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩] فغير صحيح أيضًا، إذ المراد بها التوجه، والذهاب إليها، لا العَدْوُ، كما في قوله تعالى:{وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا}[الإسراء: ١٩]. كما بينه البخاري رحمه الله في "كتاب الجمعة" من "صحيحه" جـ ٣ ص ٤٩ بنسخة الفتح، وقد تقدم تمام البحث في هذا برقم -٥٧/ ٨٦١ - فراجعه تستفد. والله تعالى ولي التوفيق.
(فقال:) أي ذلك الرجل (الله أكبر) فيه تصريح بأنه قال هذا الذكر بعد دخوله في الصلاة (الحمد لله حمدًا كثيرًا) أي يترادف مَدَدُه، ولا تنتهي مُدَدُه (طيبًا) أي خالصًا لوجهه تعالى، لا للرياء والسمعة (مباركًا فيه) قال ابن الملك: أي حمدًا جُعلت البركة فيه، يعني حمدًا كثيرًا غاية الكثرة. وقيل: مباركًا بدوام ذاته، وكمال غاياته.
(فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته) أي أدَّى صلاته (قال: "أيكم الذي تكلم بكلمات") رواية المصنف بتنكير كلمات، ولعل التنكير للتقليل، وعند مسلم، وأبي داود: "أيكم المتكلم بالكلمات". (فأرَمَّ القوم) بفتح الراء وتشديد الميم: أي سكتوا، ولم يجيبوا. وقال القاضي عياض رحمه الله: ورواه بعضهم في غير "صحيح مسلم" "فأزَمَ" بالزاي المفتوحة، وتخفيف اليم، من الأزْمِ، وهو الإمساك، وهو صحيح المعنى. انتهى (١).