للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الفاتحة من الصفات ما ليس في غيرها، حتى قيل: إن جميع القرآن فيها. وهي خمس وعشرون كلمة، تضمنت جميع علوم القرآن، ومن شرفها أن الله سبحانه قسمها بينه وبين عبده، ولا تصح القُربة إلا بها، ولا يلحق عمل بثوابها، وبهذا المعنى صارت أم القرآن العظيم، كما صارت {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} تعدل ثلث القرآن، إذ القرآن توحيد، وأحكام، ووعظ، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فيها التوحيد كله، وبهذا المعنى وقع البيان في قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي: "أي آية في القرآن أعظم" قال: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، وإنما كانت أعظم آية، لأنها توحيد كلها، كما صار قوله: "أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له" أفضل الذكر، لأنها كلمات حوت جميع العلوم في التوحيد، والفاتحة تضمنت التوحيد، والعبادة، والوعظ، والتذكير، ولا يستبعد ذلك في قدرة الله تعالى. انتهى كلام القرطبي رحمه الله تعالى (١). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب.


(١) "الجامع لأحكام القرآن" جـ ١ ص ١٠٩ - ١١١.